بسم الله الرحمن الرحيم 
والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم )
قضايا "توجيهية"
يجب طرحها امام الطلبة 
هي أمور لطالما وددت أن أقول أنها غير صحيحة كما قد تبدو في بادئ الأمر.. حاولت فيها أن أجمع معظم ما يثيرني من قضايا "توجيهية" وأطرحها أمام طلبة التوجيهي ومجتمعنا ككلّ، لتصحيح بعض المفاهيم أمام الجميع. الكلام هذا عامّ وينطبق على أغلب الناس إلا أن هناك حالات استثنائية نادرة قد تشذّ عن القاعدة، وهي في النهاية رؤية شخصية من طالب توجيهي سابق انبثقت عن تجربة غنيّة خلال هذه السنة المختلفة عن جميع السنوات. أترككم مع.. خرافات التوجيهي!   1- التوجيهي صعب!:   وهذه الخرافة هي واحدة من أكثر الخرافات المتداولة (ولو بشكل غير مباشر) بين الناس، حيث أن هيبة هذا العام التي نشعر بها منذ نعومة أظافرنا تجعل المعظم يظن أنه عام صعب جدا، بينما ما يجعله صعبا حقا على الطالب هي هذه الظنون وتضخيم الموضوع وتحميله ما لا يحتمل، مما يشكل عبئا نفسيا ويجعل من هذا العام حملا ثقيلا على كاهل الطالب، فالأمر برمّته لعبة نفسية من وجهة نظري، وموادّ التوجيهي سهلة ولكنها تحتاج لأريحية في التعامل معها، وفهم ما تتطلّبه للحصول على علامة ممتازة فيها. قد تحتوي بعض المواد على الصعوبات ولكن بشكل عام، فإن من غير الممكن تصنيف المواد على أنها "صعبة" (مع مراعاة فروقات المستويات)، إلا أن العامل النفسي يلعب الدور الأكبر في ترسيخ اعتقاد "التوجيهي صعب".   2- التوجيهي.. قضية حياة أو موت! ومقياس وتقييم حقيقي للطالب! :   وهي ربما أعظم خرافة على الإطلاق، حيث تظن الأغلبية الساحقة من مجتمعنا أن من ينجح في التوجيهي سينجح بالضرورة في الحياة، وأن من يرسب أو يحصد معدّلا منخفضا هو فاشل في الحياة، بينما الواقع أمر آخر، فكم سمعت ورأيت بأم عيني أشخاصا أبدعوا في هذه السنة وفشلوا في الحياة الجامعية أو الواقعية فشلا ذريعا!.. فالدراسة أمر، والحياة الواقعية أمر آخر تماما. وكم عرفنا بالمقابل أناسا لم يفلحوا في التوجيهي ثم أصبحوا أعلاما يشار إليهم بالبنان وأفضل من كثير ممّن تفوّقوا عليهم في التوجيهي!! . لكنني لست أبدا ممن يقولون أن التوجيهي غير مهمّ، بل أقول أنه فرصة وبوّابة ضخمة، ولكن القول بأن هذه السنة هي قضية حياة أو موت.. هو أمر مبالغ فيه وغير دقيق، إلا لمن ارتضوا لأنفسهم أن يعتبروا الأمر هكذا.. الإنسان الناجح لا يقف عند سنة واحدة ولا يدعها تسيّره كما تريد، بل يجابه الصّعاب ليكون ما يريد! التوجيهي ليس نظاما كاملا، ولا حتى مقياسا للشخص لنحكم عليه من خلال معدّله مهما كان، بل هو نظام قد لا يتماشى مع عقليات الكثيرين، وقد تؤثر تفاصيل صغيرة على بعض الطلبة فتهوي بمعدّلاتهم ليس لسيّئة فيهم سوى لأنهم يتوتّرون قليلا على سبيل المثال، نتيجة للعامل النفسي المريع! ففكرة أن امتحانا معيّنا قد يحدّد معالم معدّلك السنويّ بالكامل هي فكرة مخيفة للكثيرين. ليس معنى أن يكون أحدهم من أوائل المملكة أنه نابغة وشخصية ناجحة، لا توجد علاقة شرطية بين الأمرين، والعكس صحيح كذلك. التوجيهي مؤشّر لا مقياس للطلبة.. وشتّان بين هذا وذاك!     3- يجب أن تسجّل للمعاهد في التوجيهي:   غير صحيح! .. أعرف أصدقاء لي لم يقربوا أي معهد وكانوا من أفضلنا نتائجا! فالمعاهد بالذات من وجهة نظري (وإن كان أكثر الطلبة يحتاجونها) قضية شخصية تحتاج لتقدير جيّد من الطالب نفسه لوضعه الدراسي في الموادّ بشكل عامّ، فقد تكون كما كانت للكثيرين (وأنا منهم) منقذا ومساندا عظيما في هذه السنة! وقد تكون بالمقابل تشتيتا غير محبّذ به لآخرين.   4- المعاهد مضيعة للوقت واكتظاظ الطلاب فيها يحجب الفائدة، وأساتذتها محتالون لايهمّهم سوى المال والشهرة:   لا ريب أن معظم المعاهد تعاني من اكتظاظ طلابيّ فيها، ولكن القول بأنّ هذا الاكتظاظ يحجب الفائدة هو قول غير صحيح بعد أن جرّبت بنفسي وسمعت أكثر من صديق لي في معاهد مختلفة. أما مسألة أنها مضيعة للوقت، فهي مسألة تبدو للوهلة الأولى صحيحة ولكن إن فكّرت بها منطقيا لوجدت أن الوقت الذي ستمضيه في المعهد هو فعليا وقت دراسة بل وساعات دراسة ذهبية (إن كان أستاذ المعهد ممتازا)، لأنّك تفهم فيها وتحلّ وتحفظ في آن معا، ومن قال أصلا أن الطالب سيدرس خلال هذه الساعات كلها إن لم يكن بالمعهد؟، بل وأستطيع القول بأن الذهاب إليه هو تغيير لجو ما وراء الأبواب المغلقة والدراسة البيتيّة. أما عن أساتذة المعاهد، فلا أستطيع أن أعمّم هنا ولا أن أتكلّم عن المعظم، ولكن تجربتي الشخصية مع من درّسني في المعهد كانت إيجابية جدا، واكتشفت أن هؤلاء الأساتذة رائعون تدريسا وشخصيّة، والأهم من هذا، يعرفون كيف يبرمجوك لتحصل على العلامة بأذكى طريقة وأقل جهد ممكن فتصبح أكثر ثقة بنفسك، وإن كانوا بعد هذا يهمّهم المال والشهرة فليكن ذلك، ليس هذا هو الأمر الذي يهمّنا كطلبة توجيهي، فأنت كطالب تبحث أولا وأخيرا عن مصلحتك (أي العلامة) في الامتحان، لا شيء آخر!   5- طالب التوجيهي .. 24 ساعة دراسة.. لا طلعات ولا ترفيه عن النفس! :   إن من أكثر الأسئلة التي سُئلتها شخصيا ومن معي من طلبة التوجيهي: "كم ساعة كنت تدرس؟" ، الأمر بكل بساطة هو ليس عدد ساعات دراسة بقدر ما هو نوع الدراسة، فكل طالب تناسبه طريقة معيّنة في الدراسة لينجز ما عليه حيث قد يتطلّب الأمر ساعتين أو عشر ساعات! .. تنظيم الوقت هو مفتاح كل شيء، ومن يسير في طريق صحيح منذ البداية لن يضيع، وسيجد وقتا لكل شيء، بل ستكون سنة التوجيهي بالنسبة له ربما أسهل من السنوات السابقة، وسيصبح لوقت الترفيه طعم أحلى من أي وقت آخر، وهنا أوجّه رسالة إلى أهالي الطلبة بألّا يقسوا على أبنائهم ويرغموهم على الدراسة طوال الوقت، لأن العلامات لم ولن تأتي يوما بهذه الطريقة. "إن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، وإن لربك عليك حقا؛ فأعط لكل ذي حق حقه"..   6- نظام التوجيهي يُسيّر بشكل ممتاز في الأردن من قبل وزارة التربية والتعليم:   تعتقد نسبة لا بأس بها من الناس أن التوجيهي نزيه وعادل 100% من حيث الجهة المشرفة عليه، ولست هنا لأهاجم وزارة التربية والتعليم بل لأبدي رأيي في أمور قد يكون من السهل معالجتها، فمثلا، ليس من المعقول أن تحدث فضائح كالتي حدثت منذ عدة سنوات سابقة حين سُرّبت الأسئلة، وللأسف فكل سنة نسمع عن حالات تسريب أسئلة مع اختلاف النّسب وذاك أمر يستدعي الوقوف عنده والحدّ منه. كذلك مشكلة الغشّ في الامتحانات هي مشكلة نلمسها عاما بعد عام، في الدورة الماضية حدثت مشاكل كبيرة جرّاء الغشّ، وهناك مناطق معيّنة للأسف يكثر فيها الغشّ مع كل سنة وما زلنا نتفرّج، وكم سمعنا عن قصص غير معقولة عمّا يحدث من تسريب إجابات للقاعة أو اقتحامها بالقوة أو غير ذلك من المصائب، فحريّ بالوزارة اتّخاذ تدابير صارمة لحل هذه المشكلة التي تضرّ بسمعة الجميع وأوّلهم وزارة التربية والتعليم. خطأ آخر لا أدري لماذا ما زال للآن يحدث بعد كل هذه السنين وهو أن امتحان التوجيهي يُكتب ولا يُراجع بالشكل الكافي! باللّه عليكم أيُعقل أن نجد خطأ (وأحيانا يكون خطأ فادحا جدا) في امتحان توجيهي من الممكن أن يحدّد معالم حياة أحد الطلبة؟!! .. لا أستطيع أن أفهم أو أتفهّم أي عذر مطروح لهذه المشكلة! يجب ومن أولى الأولويّات أن يُراجع امتحان التوجيهي مئة مرّة قبل أن يقدّم أمام الطلبة في قاعات الامتحانات!. أمر غير منطقيّ آخر وهو طريقة الإجابة النموذجية في بعض الموادّ مثل اللغة الإنجليزية التي لا أحد للآن يعرف بشكل تام وواضح طريقة التصليح فيها وخاصة في سؤال التعبير الذي تكون إجابته النموذجية دائما "مفتوحة"!! فكلّ يصحّح حسب أهوائه وطريقته بالتدريس.. وذاك أمر غير عادل بتاتا بالنسبة للطلبة.   7- لا يأتي في الامتحانات الوزارية سؤال من خارج الكتاب.. ادرس فقط من الكتاب!:   ربما تتحصّل على علامة جيدة جدا إن درست من الكتاب فقط، وربما تأتي امتحانات سنتك سهلة بحيث تستطيع الإجابة عن معظم الأسئلة بدراسة من داخل الكتاب، إلا أن العلامات الكاملة في التوجيهي لا تأتي بتلك السهولة حقا، أنت محتاج لأن تحلّ أسئلة السنوات السابقة لأنها تفيد بشكل كبير، ناهيك عن التمرينات الخارجية وغيرها، أما الكتاب وحده.. فليس هذا الطريق الصحيح لطالب يطمح بالعلامات الكاملة أو شبه الكاملة. واسئلوا مجرّب! واسألوا كذلك حكيم!   8- امتحانات المدرسة هي تقييم لأدائك المستقبلي في امتحانات الوزارة:   هي تجربة مفيدة أن تختبر نفسك في المدرسة وتستعرض عضلاتك في امتحانات على مستوى أعلى من امتحانات الوزارة، ولكن إن لم تستطع تقديم أعلى مستوياتك في المدرسة فتلك ليست بالمشكلة، من تجربتي الشخصية أستطيع القول بأن وضعك وقت امتحان وزارة يختلف كليا عن وضعك يوم امتحان مدرسة حتى ولو كان نهائيا تجريبيّا.. ونتائج الطالب في المدرسة لا تعبّر بالضرورة عن نتائجه في الوزارة. من الممكن القول بأن من يكون ممتازا في امتحانات المدرسة سيكون ممتازا في الوزارة.. ولكن من يكون سيئا في المدرسة ليس بالضرورة أن يكون سيئا في الوزارة!   وبالرغم من كل ما ذكرته أعلاه، أعترف بأن التوجيهي هو أفضل نظام قد يطبق لدينا في التعليم وذلك لظروف كثيرة تعيشها وتعاني من مساوئها  في شتى المجالات والتي تنعكس بالتالي على المجال التعليمي الذي هو عصب الدولة ومقياس قوتها الحقيقي. على أمل أن نرى وطننا بنظام تعليمي أفضل وأكمل.. يوما ما!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
#توجيهي فلسطين © جميع الحقوق محفوظة